الجدارات في الموارد البشرية: الأساس لبناء رأس مال بشري فعّال
في عالم الأعمال المتغير والمتسارع، أصبحت إدارة الموارد البشرية أكثر من مجرد وظيفة إدارية تهتم بالتوظيف والرواتب، بل أصبحت شريكًا استراتيجيًا في تحقيق أهداف المؤسسات. ومن بين الأدوات الحديثة التي تعزز من فعالية هذه الإدارة: إطار الجدارات (Competency Framework)، الذي يربط بين أداء الموظف واحتياجات المنظمة.
ما المقصود بالجدارات؟
الجدارات هي مجموعة من المعارف والمهارات والسلوكيات والقدرات التي يجب أن يتحلى بها الفرد ليؤدي عمله بكفاءة وفعالية. يمكن أن تكون هذه الجدارات عامة (مثل مهارات التواصل أو العمل الجماعي) أو فنية (مثل إتقان برنامج محدد أو مهارة تحليل البيانات).
أنواع الجدارات
الجدارات الأساسية (Core Competencies):
مشتركة بين جميع الموظفين في المؤسسة، مثل الالتزام بقيم العمل أو التواصل الفعّال.الجدارات الفنية (Technical Competencies):
مرتبطة بوظيفة محددة، مثل المحاسبة أو البرمجة أو التصميم الجرافيكي.الجدارات القيادية (Leadership Competencies):
تركز على مهارات اتخاذ القرار، والتوجيه، وتحفيز الفريق، وهي ضرورية للمناصب الإدارية.
أهمية الجدارات في إدارة الموارد البشرية
الاستقطاب والتوظيف الفعّال:
تساعد الجدارات على تحديد معايير واضحة لاختيار المرشحين الأنسب للوظائف.التدريب والتطوير:
تساهم في بناء برامج تدريبية تستهدف تطوير المهارات الحقيقية المطلوبة في الوظيفة.إدارة الأداء:
توفر إطارًا موضوعيًا لتقييم أداء الموظفين، وتحسين جودة التغذية الراجعة.المسار الوظيفي والترقيات:
تتيح للموظف معرفة الجدارات اللازمة للانتقال إلى مناصب أعلى، مما يشجع على التطوير الذاتي.التخطيط الاستراتيجي للموارد البشرية:
تساعد الجدارات في مواءمة رأس المال البشري مع أهداف واستراتيجية المؤسسة طويلة الأمد.
تحديات تطبيق نموذج الجدارات
رغم فوائدها، إلا أن تطبيق الجدارات يواجه بعض التحديات، منها:
صعوبة تحديد وتوصيف الجدارات بدقة.
مقاومة بعض الموظفين للتغيير في أساليب التقييم والتطوير.
الحاجة إلى تدريب مديري الموارد البشرية على استخدام إطار الجدارات بفعالية.
خلاصة
تُعدّ الجدارات أداة استراتيجية ضرورية لتعزيز الكفاءة والفعالية في المؤسسات. فحين تتمكن إدارة الموارد البشرية من بناء نموذج جدارات متكامل ومُطبق بشكل سليم، فإنها تُسهم في تحقيق أعلى مستويات الأداء الفردي والمؤسسي، وتدفع نحو خلق بيئة عمل قائمة على الوضوح والتطوير المستمر
أولًا: أمثلة تطبيقية لاستخدام الجدارات
1. في التوظيف:
عند التوظيف لوظيفة “أخصائي خدمة عملاء”، لا تقتصر عملية التقييم على المؤهلات الأكاديمية فقط، بل يتم اختبار جدارات مثل:
القدرة على الاستماع الفعّال.
التحكم في الانفعالات.
حل المشكلات بسرعة.
مثال: يُطلب من المرشح محاكاة موقف صعب مع عميل غاضب، ويتم تقييم استجابته بناءً على إطار الجدارات المعتمد.
2. في التدريب والتطوير:
عند إجراء تحليل فجوة الجدارات لموظفي قسم المبيعات، وُجد أن أغلبهم يفتقرون إلى مهارة “الإقناع المتقدم”.
بناءً على ذلك، يتم تصميم برنامج تدريبي موجه لتقوية هذه الجدارة تحديدًا، بدلًا من إضاعة الوقت على تدريبات عامة.
3. في تقييم الأداء:
بدلًا من التقييم العام التقليدي (ممتاز، جيد، مقبول)، يتم تقييم الموظف بناءً على مؤشرات سلوكية مرتبطة بكل جدارة.
مثال: في تقييم “العمل الجماعي”، يتم استخدام سُلّم يحتوي على سلوكيات مثل:
يشارك المعرفة مع الفريق بانتظام.
يدعم زملاءه عند الحاجة.
يتعامل بإيجابية مع الاختلافات داخل الفريق.


نصائح لتطبيق نموذج الجدارات بفعالية:
اشرك المديرين في تحديد الجدارات الخاصة بكل وظيفة.
استخدم أدوات تكنولوجية لمتابعة تقييم الجدارات والتقارير المرتبطة بها.
راجع نموذج الجدارات دوريًا ليتماشى مع تغيرات البيئة الداخلية والخارجية